ياعزيزي... كلهم كلاب

مازال الكثير منا حتى الآن يثق بالجتمع الدولي ويعول على تدخله لوقف مآسينا، رغم أننا لدغنا مرات ومرات من اعتمادنا على هذه الثقة، ولهذا أسبابه الكثيرة ليس هنا المجال لذكرها، ولكني أحب أن أسجل هنا أني لست من هؤلاء، فالواقع يثبت بأن هؤلاء لا أخلاق لهم ولا يشعرون بمسئولية تجاه مدى مصداقية تبنيهم لمبادئهم في مجال الديموقراطيات والحريات و حقوق الإنسان، والأحداث المتوالية وبشكل متسارع في العقود الأخيرة تجعل من المستغرب تسجيل موقف من هذه الأخلاقيات عكس ذلك.
هانحن نرى ما يحدث في مصر والردود الفاترة من معظم دول الغرب إزاء الانقلاب على الديموقرطية والحريات والتجاوزات الخطيرة تجاه حقوق الإنسان والتي ترقى وبجدارة لتصنيفها كجرائم حرب. لم يتحرك أوكامبو تجاه السيسي لرفع قضية ضده، كما لم يسجل أي إدانة ضد جرائم الأسد، رغم بشاعتها ودمويتها المفرطة وأعداد ضحاياها الكبير، ورغم الكم الهائل من صور الفيديو المثقلة بالعذابات و الآتية من هناك، بينما أقام هو بنفسه دعوى ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير "والخارج من رحم حركة الإخوان المسلمين"، بحجة أنه ارتكب بواسطة جيشه مجازر مشينة في دارفور ضد المدنيين الأبرياء. لم يخرج لمواقع الاشتباك محققين دوليين كي تعطينا الصورة الموضوعية المحايدة، كما لم تصلنا أية صور ثابتة أو متحركة عن هذه المذابح، ولكن للسودان حقيبة من المؤامرات دبرت بليل، وخرج الحكم بإدانة البشير وطلبه أوكامبو لمحكمة "العدل" الدولية.
ما فعله السيسي من قتل بالجملة لمعتصمين سلميين، وصل حسب إحصائيات غير رسمية إلى أكثر من أربعة آلاف شهيد وعشرات آلاف الجرحى، ثم حرق للجثث وكل ذلك في ضربة واحدة، شجع جزار دمشق السادي لاستخدام السلاح الكيميائي بما يزيد عن ستين ضربة ضربت غدراً في وقت كان الناس فيه نيام، كي تحصد أكبر عدد ممكن من الأبرياء، والأطفال خصوصاًً، هذا الإجرام المتناهي حدث ومحققي الأمم المتحدة موجودون هناك، ليثبت لخصومه كم هو رجل مدلل من صانعي هذه المنظمات. يذكرنا هذا برجال صربيا وموقف الأمم المتحدة حينما أعلنت الأخيرة بأن مدينة سريبرينيتسا البوسنية هي منطقة آمنة منزوعة السلاح، حيث استنجد بها المدننين من البوسنيين تحت حماية الأمم المتحدة وما كان من مجرمي الصرب آن ذاك إلا أن استغلوا تجمعهم وأبادوا ما يزيد عن ثمانية آلاف نفس بدم بارد وتحت نظر ورعاية رجال القبعات الزرق.
أصبحت أشك بالربيع العربي من أصله، فبعد أن طنطن إعلام الغرب كثيراً له في بدايته، بت أشك بأن تسهيل اقتطاف ثماره وفي فترة وجيزة و بخسائر قليلة وتضحيات بشرية أقل كان لها هدف خبيث وغير أخلاقي كالعادة من صانعي القرار في العالم الحر يمكن تلخيصه بالوصول إلى أنظمة بعينها غير مرغوب فيها من الغرب "وأعني نظام القذافي"، وتدمير جيوش عربية أخرى "وأعني الجيش السوري والمصري بعد أن تم تذ\دمير الجيش العراقي" كي تبقى القوة والغلبة لدولة الكيان الإسرائيلي، ولتنتهي المفاوضات العبثية لصالحهم، كذلك ضرب المقاومة بتشويه صورة حزب الله وحرق شعبيته الكبيرة في العالم العربي والإسلامي، و تنمية العداء تجاه إيران من قبل شعوب المنطقة، كذلك ضرب حركة المقاومة الإسلامية حماس بعزلها عن داعميها مادياً وسياسياً بحيث تضعف مقاومتها أمام ضغوطات الغرب. من الممكن أن يكون كل هذا صحيحاً، في نفس الوقت هذا لاينفي توق الشعوب ورغبتها العارمة في التخلص من العبودية والظلم الجاثم على صدورها لعقود من أنظمة عميلة فاسدة، بل عفنة. كما لاينفي شجاعتها وتضحياتها و حسها الوطني الرفيع، ولكن من الممكن أن العالم الحر قد أحسن استخدام هذا كله و أتقن توجيه نتائجه لصالحه، ضارباً بأخلاقياته عرض الحائط كالعادة .
ترى بعد استعراض ما سبق، ماهو المتوقع من هذا العالم الحر تجاه المشهد السوري الأخير!؟ أقول إن حدثت هذه الضربة لجيش الأسد فستكون مسرحية محبوكة من جميع الدول الكبرى لتقسيمات جديدة تلعب فيها إيران مع طفلها بشار دوراً رئيسياً، تفرض من خلالها خارطة مختلفة للمنطقة، الخاسر الوحيد فيها هو مجتمعات الغالبية السنية فيها