عندما ينظر الحصيف لحال الأمة يرى كم فيها من أمراض و عطوب يقودها تيارات تدعي احتكارها للحقيقة ولا تستمع لنصائح المنصفين من غير أبنائها، بدأً بالإخوان وليس انتهاءً بالسلفية الجهادية وداعش. رجع العرب كما كانوا قبل الإسلام، رجعوا إلى زمن داحس والغبراء، نعم رجعوا في زمننا هذا إلى داعش و العملاء ، فالمشهد يعيد نفسه... قبائل و جماعات تتقاتل فيما بينها لا يضمها مشروع مشترك ولا أهداف بعينها، ذلك أن من يقودها هي أنظمة جشعة سطحية مهترأة وصلت حد العمالة للعدو في سبيل البقاء على عروشها وفي سبيل المحافظة على الكنوز التي وقعت عليها، و هو الهدف الوحيد الذي تعرفه وتؤمن به، و هي على استعداد للتضحية بشعوبها وبثقافة هذه الشعوب، وعلى استعداد أكبر لتلبية مطالب العدو وأطماعه في المنطقة في سبيل بقائها بالسدة، تنهب من خيرات هذه الشعوب دون حسيب أو رقيب. أما غالبية الأمة فهي وراء قيادات إما متحجرة صلبة لدرجة تكلس مفاصلها، وإما رجعية متخلفة وسطحية تتخذ من الشكل والظاهر أسلوب حياة و علاج فاشل لحل المعضلات، تعيش على مجترات الذاكرة من القشور، و بمعطيات وظروف ما قبل عشرة قرون. عمل العدو جاهداً لللعب على وتر الزمن وما يفرضه من تغير في الفكر والمنهج، ومن باب الحريات فرض على هذه الأنظمة أن تقبل بقنوات إعلامية مختلفة، تلفزيونية وإذاعية على وجه الخصوص تتقاتل وتتنافس في تشتيت جهود الأمة وتضييعها عن أهدافها بل وتضرب بمعاول فولاذية ثوابتها وأسباب وحدتها وهي تحسب أنها تحسن بذلك صنعاً، و ذلك تحت عناوين حريات الرأي والتعبير، مما زاد تشتيت الأمة تشتيتاً، وزاد ضياعها بعداً وعمى، و أدخل المنطقة كلها في فوضى و سرابات تدعي الحقيقة و ترسم صور شواطئ النجاة المزيفة، علماً بأن العدو ما كان ليسمح في فضاءه الخاص بحرية الإعلام هذه لتصبح فوضى تهدم أسس أمته، بل قام على سن القوانين التي تفرق بين الإعلام وبين التحريض، بين نقل الخبر و بين صناعة الأكاذيب التي تزرع الفتن والشقاقات. هذا كله وأكثر زاد إرادتة الأمة ضعفاً لدرجة اليأس الذي أورث فيها القناعة باستحالة الخروج من هذه الدوامات التي لم تشهدها عبر تاريخها يوماً، بل لم تشهدها البشرية في عمرها كله.
كان الحل المريح لها التعلق والتشبث بالأحلام و الخيال الذي يختزل حل المشكلة بفارس همام قادر على حل كل معضلاتها وتوحيد صفوفها وراء أهدافها ورسالتها التي تاهت عنها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق